نعم.. هي كلماتي الأولى وخربشتي الأولى في الكتابة, أن تكون سيرة, وسيرةً فارةً حتى من الأسماء المستعارة, أردتها بهذا الشكل, بهذا الجنون, نزق المراهقة, أللانضوج, الذي يحمل بباطنه كل معاني التكبر, لو استطعت لفعلت مثلما كان يفعل الماغوط, لما صححت حتى أخطائها, لتركتها في طبعتها الثانية مثلما ولدتها أمها << اللحظة >> عذراء, لكنها نُقحت لا أكثر ولا أقل.. ولو عاد خالي من موته, لكنت لمته, لومةً كبرى, لأنه خدعني حتى النخاع, حين كان يخزن في لحم جمجمتي أن الكرد قومٌ غير كل البشر, لكني بعدما كبرت, علمت أنهم دون كل البشر, وهم من اختاروا ذلك, ولدرجة نزقي الأنف الذِكر, كنت أظن أن الكرد لا يواربون, لا يتسلقون, لا يستغلون, ولا بالزيت يتداهنون.. ولكنهم جزءٌ من البشر وكل شيءٍ يفعلون, كنت أظن أن أحداً سيهتم بهذه الرواية ويتبنى ربما فكرتها, كونها أول رواية كردية خالصة, تصدر بالعربية, تستحضر القضية الكردية في قالبٍ, ربما, أدبي.. ولكني لم أستغرب في بداياتي, عندما جاءني أسرع رد من جهةٍ ثقافية تبنت القضايا العربكردية, بالاعتذار, وجاءني ردٌ أسرع من دار نشرٍ عربية بتبني الرواية على نفقتها, لم يكن هذا مقياساً بانعكاس الأمور, ولا مؤشراً على إصابتي بالفتور, ولكن أن لا يتناولها أي كردي, لا كاتب, ولا ناقد, ولا حتى قارئ, شيءٌ يبعث على السرور, ويشعرنا, لربما, كيف تجري الأمور, أتذكر كلاماً لكاهنٍ كردي عندما قال أن كل مثقفٍ كردي يعتبر نفسه إمبراطور, لكني كذبتهُ, وروحت أبتدر الحسنى وأتواصل مع الكل, دون استثناء, ليس من أجل أن يُكتب يوماً عن روايتي, لأن هذا الأمر بات محسوماً من زمان بالنسبة لي, بل طمعاً في التقارب الكاذب المزعوم, لكني , أصبتُ بخيبة أملٍ فخمة, وأدركت أن العدوى من بعض المثقفين العرب انتقلت لبعضهم, لأن المثقف حين لا يرد على رسائلك فهو يعطي المكانة لنفسه, ويُشعر الناس أنه أبعدُ من أن يُنال برسالة إلكترونية.. أتذكر حين كنتُ أصاب بالقشعريرة عندما أقف أمام موظفٍ في جريدةٍ سوريةٍ محلية, قادته الصدف وصار مسؤولاً عن صفحةٍ ثقافية , كانت أشكالهم المتقاربة بالمظهر والباطن تخيفني, شعره يلمع بكثرة بعد أن مشطه بمشطٍ أسنانه متقاربة, يرتدي ربطة عنق من عهد الفراعنة, وفي مكتبته ثمانية عشرة مجلداً عن البعث وأمجاده, قلت أن هذه المظاهر لن أراها في السعودية, ولكن المشاهد كانت متقاربة للغاية, كل ما في الأمر أن الموظف صاحب الشعر اللامع وجدت عوضاً عنه المتأنق صاحب القلم الفاره, لكن, أن تُسحب الرواية في السعودية, لم يخطر ذلك في بالي بتاتاً, خصوصاً أني تعمقت في دوافع الإرهاب حين كانت الآفة في أوجها, وربما, وزنت الأمور بالعقل أكثر من العاطفة, ولكنها سُحبت على كل حال, ولن يعيدها الرجوع والوقوف أمام الموظف صاحب الشعر اللامع, أو القلم الفاره, لكني ممتن لأني ربما استطعت أن أوصل شيئاً عن القضية الكردية لبعض الأخوة العرب, لأنه ليس من شيءٍ يؤلم أكثر من أن تقف أمام أحدهم, عندما تقول له أنك كردي من سورية, ليسألني على الفور, ماذا يعني كردي, وما يؤلم أكثر من ذلك أن لا يهتم الكردي بذلك, وأستعرض بعضاً من الرسائل التي وصلتني من مختلف البلاد العربية وأقولها بحسرة, لم يصلني أي شيء من أي جهةٍ كردية..
وأستشهد في النهاية بقوله تعالى
كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون
صدق الله العظيم .
مصطفى سعيد
26/12/2008
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق